نحنُ على عتبة الربع الاخير من الحياة
أخر الاخبار

نحنُ على عتبة الربع الاخير من الحياة

نحنُ على عتبة الربع الاخير من الحياة..لا يمكن إضافة وقت لحياتنا، لكن يمكن إضافة حياة لوقتنا.

نحن وصلنا للربع الأخير من العمر أو ما يُسمى بخريف العمر، فالسنون ذهبت وأخذت معها الشباب والقوة؛ 

كنا بالسابق نرى كبار السن، ونعتقد أننا لن نكون مثلهم، ففي الربع الأول من العمر، ربع القوة والعنفوان، كنا نَظن أن الربع الرابع بعيد عنّا جِدّاً، ولم نتخيّل أننا سائرون إليه بسرعة لم نتوقعها، وكنا نظن أن وصول هذا الربع إلينا سيكون بطيئاً جداً، 

ولكن ها هو قد وصل إلينا، فبتنا نرى أصدقاؤنا شِيبَاً، يتحركون أبطأ منّا، بعضهم أفضل منّا، وبعضهم أسوأ منّا، أصبحنا نغفوا بمكاننا دون رغبتنا، ولكن صرنا نُقدر النِعَم التي نَرفع بها أكثر من سابق عهدنا؛

فصار سيرنا بلا مساعد "نِعمَة". 
وانعدام الآلام والأوجاع "نِعمَة".
وتذكّر الأشخاص والأيام "نِعمَة". 
والنوم بلا أدوية "نِعمَة".
وعدم احتياجنا للطبيب "نِعمَة". 
وأكلنا لبعض أصناف الطعام "نِعمَة".
ودخولنا الحمام بمفردنا "نِعمَة". 
وخروج الأذى منّا طبيعيّاً "نِعمَة". 
ورؤيتنا لما حولنا "نِعمَة". 
وتنفسنا للهواء الذي حولنا "نِعمَة".
وشعورنا بروائح العطور حولنا "نِعمَة".
وسماعنا لأصوات من هم حولنا "نِعمَة".
وإحساسنا بكل ما حولنا "نِعمَة".

والله يقول 

 "وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَاتُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34- ابراهيم)".
نحن الآن في الربع الرابع من حياتنا، 
ولا نعلم طول هذه المدة، والتي من المؤكد أنها ستنتهي عنّا، وستأتي بعدها محاسبة على كل ما سلف؛
إن خيراً فخير، وإن شرّاً فَشرّ والعياذ بالله؛
ولكن والحمد لله نحن ما زلنا أحياء؛
الباب ما زال أمامنا مفتوحاً لنكفر عما حصل منّا من ظلم لغيرنا و لأنفسنا؛

إذ يمكننا رَدُ الحقوق لأصحابها، فكم ندمنا على أفعال لو لم نفعلها، وأفعال لم نفعلها لو أنّا فعلناها، وأفعال نحمد الله أننا فعلناها.

فالآن ما يُعَدُ حسناً علينا فِعلُه، فلا تأجيل للعمل الحسن بعد اليوم، فالحياة تمضي مُسرعةً، ولا نضمن لإنسان الوصول للربع الرابع، فلا وعد لأحد بالمرور على جميع الفصول بالحياة.

فكم من أناس عاشوا الربع الأول فقط.. 
وآخرون عاشوا للربع الثاني فقط..
وآخرون عاشوا للربع الثالث فقط..
وها نحن والحمد لله أدركنا رابع ربع من حياتنا؛
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول
أَعْذَرَ اللَّهُ إلى امْرِئٍ أخَّرَ أجَلَهُ، حتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً.
صحيح البخاري".

أي لم يترك له عذرٌ إذّ أمهَلَهُ هذه المدةَ وأوصله لهذا السن، فهو يكون قد بلغَ غايةَ العُذر ولا عُذر له بعد ذلك إن لم يَتُب ويُحسن العمل.

فعلينا الآن فعل كُلَّ خير نستطيعه، وما نريد بأن يتذكره أحباؤنا منّا، 

فنحن في واقع حياتنا، قد نتخلّى عن ملابس قديمة نملكها، ولكن ليس كل قديم فيه المَلَل، ففي بعض الأشياء القديمة نِعمَة، 

وأفضل هذه النِعَم هم الأصدقاء الصادقون، فكلما قَدِموا وطال بنا مَعشَرُهم، زاد منهم ألقهم وبهاؤهم، فلنتمسك بأصدقائنا القدامى ولنحافظ عليهم فقلّمَا نَجِدُ اليوم صديقاً صَدُوقاً.

وفي الختام أسوق للجميع حكمة
نحن لا نستطيع أن نضيف وقتاً إلى حياتنا؛
لـكـننـا نستطيع أن نضيف حياةً إلى وقتنا؛

اللهم إنا نسألك اللطف فيما جرت به المقادير..والعفو والعافية ..وحسن الخاتمة.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -